د. مصطفى عبدالعاطي
أغسطس 26, 2017
0
: " فلنجلس على أحد المقاهي لنحتسي كوبا من الشاي ف انتظار دورنا لدى الطبيب "
: " فكرة جيدة فأنا لا أطيق الانتظار "
دار هذا الحوار بيني و بين صديقي في مدخل مبنى عيادة طبيب الاسنان ، ولم نكن نعلم أننا بصدد رحلة لا تقل في مدتها او صعوبتها عن الرحلات الأسطورية كرحلة فيلياس فوج حول العالم في ثمانين يوما او رحلة عنترة الى العراق طلبا لمهر عبلة.
البحث عن مقهى
بجانب موهبة القهوجي في توفير مساحة محسوبة بدقة لكل مجموعة، لفت انتباهي ان طاولات القهوة يلتف حولها عدد كبير من الشباب في العشرينات و الثلاثينات من العمر منهمكين بمطالعة هواتفهم المحمولة و عدد قليل منهم يلعبون ألعاب المقهى المعتادة كالطاولة و الدومنة.
من يملئ المقاهي
تساءلت هل هؤلاءجميعا منتظرين دورهم لدي الطبيب و يجلسون على المقهى طوعا لا قهرا. كنت متأكد ان الاجابة هي "لا" بسبب الالفة و الحميمية بينهم و بين القهوجي و بين جيرانهم على الطاولات الأخرى الا انني عزمت التحقق من الإجابة. توجهت صباح اليوم التالي الى الجهاز المركزي للتعبئة و الاحصاء للوقوف على الرقم الحقيقي لمعدلات البطالة في مصر . جاءت الارقام على النحو التالي " يبلغ معدل البطالة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين (15- 29 سنة بلغ 27.3% من إجمالى قوة العمل فى نفس الفئة العمرية، فى حين بلغ معدل البطالة بين الشباب الذكور 21.0%، وبين الشباب الإناث 46.8% من إجمالى قوة العمل فى نفس الفئة العمرية و19.9% معدل البطالة للفئة العمرية ( 15- 19 سنة) و25.7% معدل البطالة للفئة العمـرية ( 20- 24 سنة و31.3% معدل البطالة للفئة العمـرية ( 25- 29 سنة و36.1% معدل البطالة بين حملة المؤهلات من الشباب "15-29 سنة".احصائيات كارثية
وجدت ان هذه الارقام كارثية الا أنني عندما غادرت المكتب و تأملت فيما سمعت وجدت ان الواقع لابد ان يكون أكثر كارثية لانه لا احصاء دقيق مائة بالمائة فمن المؤكد ان هناك من انكر إحساسه بالخزي و انه لا يعمل في وظيفة مستقرة و انه عالة على أهله فقام بالكذب على الموظف و اخبره انه يعمل. و هناك من يعمل بالفعل لمجرد الا يقال عليه عاطل عن العمل فيقوم بدفن نفسه اختياريا في وظيفة لا تحقق له طموحه اجتماعيا او حتى ماديا. حتى و ان كانت الارقام دقيقة فهي كارثة في حد ذاتها. فتخيل ان نسبة البطالة بين حملة المؤهلات العليا هي 36% يعني هذا ان كل عشرة أفراد بينهم تقريبا 4 لا يعملون ناهيك عن ان الستة افراد اللذين يعملون لا يعملون جميعا في وظائف مرضية. كما ان هناك ملايين من المصريين يعملون بالخارج و هذا وضع لن يستمر للابد فمعظم دول الخليج و أبرزها المملكة العربية السعودية لديها خططها للاستفادة من ابناءها بدلا من العمالة الخارجية. فتخيل كم ستكون معدلات البطالة في مصر عندما نضيف اليها جموع العائدين من الخارج.البطالة
حولت ان اقف على حدود المشكلة فاكتشفت ان للبطالة أسباب عدة سياسية و اقتصادية و اجتماعية سأحاول سرد بعضها على سبيل المثالالأسباب السياسية
- *انخفاضُ قدرةِ الحكومة على دعمِ قطاعِ الأعمال.
- *الحروب والصراعات الأهليّة في الدّول.
- *غياب تأثير التّنمية السياسيّة على الوضعِ الاقتصاديّ والاجتماعيّ في الدُّولِ النّامية
الأسباب الاقتصادية
- *زيادة أعداد خريجِي الجامعات مع عدم زيادة الاستثمارات التي توفر لهم وظائف .
- *الاستقالة للبحثُ عن عملٍ جديد؛ولكنّ هذا يستغرق وقتا طويلا للحصول على عمل، لذلك يُصنّفُ من يقوم بهذا في فترةِ بحثه بأنّه عاطلٌ عن العمل.
- * استخدام وسائل تكنولوجيّة كالحاسوب و الروبوتات
- *اللجوء الى موظّفين من خارج الدولة اما كعمالة ذوي رواتب متدنية او كخبراء و مستشارين في المجال
الأسباب الاجتماعية
- *الزيادة الجنونية لأعداد السكان في حين لاتقابلها زيادة موازية في القطاع الاقتصادي.
- *غياب التنميّة المَحليّة للمُجتمع، والتي تعتمدُ على الاستفادةِ من التّأثيرات الإيجابيّة التي يُقدّمها قطاع الاقتصاد للمُنشآت.
- *عدم الاهتمامِ بتطوير قطاعِ التّعليم، ممّا يُؤدّي إلى غيابِ نشر التّثقيف الكافي، والوعي المُناسب بقضيةِ البطالة بصِفَتِها من القضايا الاجتماعيّة المُهمّة.
- *زيادة أعداد الشّباب القادرين على العمل مع شعورهم باليأس؛ بسبب عدم حصولهم على وظائفَ أو مهنٍ تُساعدهمُ في الحصولِ على الدّخل المُناسب لهم
و يتضح من هذه الأسباب ان مسؤؤلية هذه المشكلة تقع على الافراد و الدولة معا. و انه اذا كان الفرد يعاني من مشكلة شخصية فالدولة تعاني ايضا بسبب عدم قدرتها على الاستفادة من طاقات معطلة تتمتع باحتمالات كبيرة لاحداث طفرة في المجتمع اذا ما توفرت لها الفرصة.